للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتوحيد وفروعه، والإيمان وشعبه من التوكل، والإخلاص، واليقين يمنع سلطان الشيطان على الإنسان.

والشرك وفروعه من البدع، والمعاصي، والمنكرات يوجب سلطانه كما قال سبحانه: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)} ... [النحل: ٩٨ - ١٠٠].

والجميع بقضاء مَنْ أَزِمَّة الأمور بيده، ومردها إليه، وله الحجة البالغة سبحانه فيما قضى وقدر، وفيما حكم وشرع.

والإرسال في القرآن نوعان:

إرسال كوني .. وإرسال شرعي.

فالإرسال الكوني كما يرسل الله الرياح، ويرسل المياه على الأرض، وإرسال الشياطين على الكافرين كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)} ... [مريم: ٨٣].

فهذا الإرسال كوني قدري كإرسال الرياح، فهو إرسال تسليط، فلما كفروا عاقبهم الله بتسليط الشياطين عليهم، فأُرسلوا عليهم وقُيضوا لهم بكفرهم كما قال سبحانه: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (٢٥)} [فصلت: ٢٥].

فقيض الله لهؤلاء الكفار بسبب كفرهم وجحدهم الحق قرناء من الشياطين يزينون لهم ما بين أيديهم وما خلفهم.

فالدنيا زخرفوها بأعينهم، ودعوهم إلى لذاتها، وأغروهم بشهواتها المحرمة، حتى افتتنوا فأقدموا على معاصي الله، وسلكوا ما شاءوا من محاربة الله ورسله وأوليائه.

والآخرة بعَّدوها عليهم، وأنسوهم ذكرها، ووسوسوا لهم بعدم وقوعها، فترحَّل

<<  <  ج: ص:  >  >>