للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اغْفرْ لي وَهَبْ لي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي» متفق عليه (١).

وقد أمر الله سبحانه العبد أن يحارب عدوه الذي يقطع عليه الطريق، ويستعيذ بالله تعالى منه، ويواصل سيره في طاعة ربه كما قال سبحانه: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} [النحل: ٩٨].

فليس للشيطان طريق ولا سلطان يتسلط به على الذين آمنوا، لا من جهة الحجة، ولا من جهة القدرة.

إنما سلطان الشيطان على أهل الشرك، وعلى من تولاه، بالإغواء والإضلال، وتمكنه منهم بحيث يؤزهم إلى الكفر والشرك، ويزعجهم إليه، ولا يدعهم يتركونه كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)} ... [مريم: ٨٣].

ولكن ليس للشيطان عليهم سلطان حجة وبرهان، وإنما استجابوا له بمجرد دعوته إياهم، لما وافقت دعوته أهواءهم وأغراضهم.

فهم الذين أعانوا على أنفسهم، ومكنوا عدوهم من سلطانه عليهم بموافقته ومتابعته، فلما أعطوا بأيديهم، واستأسروا له، سلط عليهم عقوبة لهم.

وسنة الله تبارك وتعالى أن لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً كما قال سبحانه: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)} [النساء: ١٤١].

فهذا هو الأصل، ولكن المؤمنين يصدر منهم من المعاصي والمخالفات التي تضاد الإيمان ما يصير به للكافرين عليهم سبيل بحسب تلك المخالفة، فهم الذين تسببوا إلى جعل السبيل عليهم، كما تسببوا إليه يوم أحد بمعصية الرسول ومخالفته فأصابهم ما أصابهم واستزلهم الشيطان بما كسبوا.

والله سبحانه لم يجعل للشيطان على العبد سلطاناً، حتى جعل له العبد سبيلاً إليه بطاعته والشرك به وموالاته، فجعل الله حينئذ له على الإنسان تسلطاً وقهراً.


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٤٦١) واللفظ له، ومسلم برقم (٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>