للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسبل التي يسلكها الإنسان أربعة:

اليمين .. والشمال .. والأمام .. والخلف.

وأي سبيل سلكها الإنسان من هذه وجد الشيطان عليها رصداً له.

فإن سلكها العبد في طاعة وجد الشيطان عليها يثبطه عنها ويبطِّئه ويعوقه، وإن سلكها في معصية وجده عليها حاملاً له، وخادماً، ومعيناً ومزيناً كما قال سبحانه عنه: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)} ... [الأعراف: ١٦، ١٧].

فالشيطان يضل الناس ويغويهم، ويستعمل لتحقيق مراده منهم هذه الجهات الأربع، فبقى للإنسان جهتان: الفوق .. والتحت، لا يقدر عليهما الشيطان، فإذا رفع الإنسان يديه إلى الله في الدعاء على سبيل الخضوع، أو وضع جبهته ساجداً لله على الأرض على سبيل الخشوع والخضوع، غفرت ذنوبه؛ لأن الباب مفتوح، والدعاء مسموع، والتوجه إلى الله حاصل.

وخطوات الشيطان في إفساد الدين والأخلاق والعباد كثيرة جداً، وأشدها وأخطرها ما كان مزيناً للناس بصورة الحق ومن ذلك:

أن الله عزَّ وجلَّ أمر بإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، ونهى عن الشرك بالله، ثم أظهر الشيطان للمسلمين الإخلاص في صورة تنقص الصالحين، والتقصير في حقهم، وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين واتباعهم.

ومنها أن الله سبحانه أمر بالاجتماع في الدين، ونهى عن التفرق فيه، ثم أظهر الشيطان للأمة أن الافتراق في أصول الدين وفروعه هو العلم والفقه في الدين، وتحول العلم الشرعي إلى خلاف وجدل فرَّق الأمة إلى شيع وأحزاب ومذاهب متناحرة، وصار الأمر بالاجتماع في الدين مستحيل لا يقوله إلا أحمق أو مجنون.

ومنها أن الله سبحانه أمر بالسمع والطاعة لمن تأمر علينا ولو كان عبداً حبشياً إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>