ومن مكايد الشيطان للناس أنه في أعمال الشر والفساد يزين للناس الصبر ويجعله حلواً، وفي أعمال الخير والإصلاح والدعوة والعبادة يجعل الصبر صعباً مراً.
ومن مكايده لابن آدم الحزن؛ لأن الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم، ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن كما قال سبحانه: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠)} [المجادلة: ١٠].
فالحزن مرض من أمراض القلب، يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره، وثواب الصبر عليه كثواب المصائب التي يُبتلى بها العبد بغير اختياره كالمرض، والألم ونحوهما.
ومن مكايده أنه يريد من الإنسان الإسراف والتبذير في أموره كلها.
فإن رآه مائلاً إلى الرحمة زين له الرحمة حتى لا يبغض ما أبغضه الله، ولا يغار لما يغار الله منه، وإن رآه مائلاً إلى الشدة زين له الشدة في غير ذات الله حتى يترك من الإحسان والبر، واللين والرحمة، ما يأمره به الله ورسوله.
ويتعدى في الشدة فيزيد في الذم والبغض والعقاب على ما يحبه الله ورسوله.
وبالإسراف والتبذير تحصل للعبد عقوبتان:
الأولى: أن الله لا يحبه؛ لأنه مسرف كما قال سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)} [الأعراف: ٣١].
الثانية: أنه يصير أخاً للشيطان كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (٢٧)} [الإسراء: ٢٧].
هذه أعظم مكايد الشيطان وشروره في الدنيا، وفساده الذي أوقعه وما يزال يوقعه ببني آدم في الدنيا.
أما في الآخرة فالأمر أعظم وأشد، فإن الشيطان إذا قضي الأمر، ودخل أهل