ومن مكر الشيطان وكيده: تلاعبه باليهود حيث دعاهم إلى الشرك في حياة نبيهم موسى - صلى الله عليه وسلم - حيث قالوا: {يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨)} [الأعراف: ١٣٨].
لقد طلبوا من مخلوق أن يجعل لهم إلهاً مخلوقاً فما أسفه عقولهم؟ وكيف يكون الإله مجعولاً؟.
فإن الإله الحق هو الجاعل والخالق لكل ما سواه، والمجعول مربوب مخلوق فيستحيل أن يكون إلهاً.
ومن تلاعبه بهم أن زين لهم عبادة العجل من دون الله تعالى، وقد شاهدوا ما حل بالمشركين والكفار من العقوبة، وشاهدوا صانعه يصنعه ويصوغه، ويصليه بالنار، ويدقه بالمطرقة، فأي سفه للعقول فوق هذا؟.
ومن عجيب أمرهم أنهم لم يكتفوا بجعله إلههم، حتى جعلوه إله موسى، فنسبوا موسى رسول الله إلى الشرك وعبادة غير الله، بل عبادة أبلد الحيوانات وهو العجل، وجعلوه إله كليم الرحمن.
بل حتى جعلوا موسى - صلى الله عليه وسلم - ضالاً مخطئاً إلهه، ذهب يطلبه وإلهه هاهنا، وهذا من أقبح تلاعب الشيطان بهم كما قالوا لموسى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (٨٩)} [طه: ٨٧ - ٨٩].