ومن تلاعب الشيطان بهم أنهم يرمون أنبياء الله ورسله بالقبائح، ويقدحون في نبوتهم، ويؤذونهم ويقتلونهم، وقد آذوا نبيهم موسى إلى ما برأه الله منه كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩)} [الأحزاب: ٦٩].
ومن قدحهم في الأنبياء، وكذبهم على الله، ما تقشعر له الأبدان، فقد اتهموا عيسى بن مريم بأنه ساحر .. وأنه ولد بغية .. ونسبوا أمه إلى الفجور .. ونسبوا لوطاً إلى أنه وطئ ابنتيه وأولادهما وهو سكران من الخمر .. ونسبوا يوسف - صلى الله عليه وسلم - إلى أنه حل تكة سراويله .. وتكة سراويل سيدته .. وأنه قعد منها مقعد الرجل من امرأته.
ومنهم من يزعم أن عيسى كان من العلماء يداوي المرضى بالأدوية.
ويزعمون أن المسلمين أولاد زنا .. وأن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - متلقاة من أحبار اليهود.
وهذا وأمثاله ليس بمستنكر من أمة قدحت في معبودها وإلهها، ونسبته إلى ما لا يليق بعظمته وجلاله، ونسبت أنبياءه إلى ما لا يليق بهم، ورمتهم بالعظائم والسوءات، أن ينسبوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك.
وعدواتهم له، ومحاربتهم إياه، وتكذيبهم له، وكيدهم له، كل ذلك أشهر من أن يذكر، وذلك لما تحمله قلوبهم من الكفر والحسد.
وقد خلق الله لكل باطل وبُهت حملة .. كما خلق للحق حملة .. وليس وراء بُهت اليهود بُهت: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)} ... [المائدة: ١٣].