فعادوه .. وكذبوه .. ورموه وأمه بالعظائم .. وراموا قتله .. فطهره الله منهم .. ورفعه إليه.
وأقام الله للمسيح أنصاراً دعوا إلى دينه وشريعته، حتى ظهر دينه على من خالفه، ودخل فيه الملوك، وانتشرت دعوته، واستقام الأمر على السداد بعده نحو ثلاثمائة سنة.
ثم أخذ دين المسيح في التبديل والتغيير حتى تناسخ واضمحل، ولم يبق بأيدي النصارى منه شيء، بل ركّبوا ديناً بين دين المسيح ودين الفلاسفة عباد الأصنام.
هذا ومعهم بقايا من دين المسيح كالختان، والاغتسال من الجنابة، وتعظيم السبت، وتحريم الخنزير، وتحريم ما حرمته التوراة إلا ما أحل لهم بنصها.
ولما أخذ دين المسيح في التغيير والتحريف والتبديل، وظهر الفساد، وعم البلاء، اجتمعت النصارى عدة اجتماعات في أزمنة مختلفة، ثم يتفرقون على الاختلاف والتلاعن، وقول الزور والباطل.
فمرة قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم .. ومرة قالوا: إن الله ثالث ثلاثة .. ومرة قالوا المسيح ابن الله، إله حق من إله حق .. ومرة قالوا: الإله واحد في ثلاثة، وثلاثة في واحد.
وهم في ذلك حيارى، تائهون، ضالون، مضلون.
لا يثبت لهم قدم .. ولا يستقر لهم قول في إلههم .. بل كل منهم قد اتخذ ألهه هواه، وصرح بالكفر والتبري ممن اتبع سواه.