بريء من كل ذلك، فصلاة مفتاحها النجاسة .. وتحريمها التصليب على الوجه .. وقبلتها المشرق .. وشعارها الشرك .. كيف يخفى على العاقل أنها لا تأتي بها شريعة من الشرائع البتة؟.
ولما علمت الرهبان والأساقفة أن مثل هذا الدين تنفر عنه العقول أعظم نفرة، شيدوه بالحيل والصور في الحيطان، وطلاء جدران الكنائس بالذهب وبالأعياد المحدثة، ونحو ذلك مما يروج على السفهاء وضعفاء العقول والبصائر.
وساعدهم على ذلك ما عليه اليهود من القسوة والغلظة، والكيد والمكر، والكذب والبهتان، وما عليه كثير من المسلمين من الظلم والفواحش، والفجور والبدع، والغلو في المخلوق، واعتقاد كثير من الجهال أن هؤلاء خواص المسلمين وصالحيهم.
فتركب من هذا وأمثاله تمسك القوم بما هم عليه، ورؤيتهم له أنه خير من كثير مما عليه المنتسبون إلى الإسلام من البدع والشرك، والفجور والفواحش.
فانظر كيف تلاعب الشيطان بهذه الأمة في أصول الدين وفروعه؟.
فجمعت بين الشرك، وعيب الإله وتنقصه، وتنقص نبيهم وعيبه، ومفارقة دينه بالكلية، فلم يتمسكوا بشيء مما كان عليه المسيح لا في صلاتهم، ولا في صيامهم، ولا في أعيادهم، ولا في سائر عباداتهم.
بل هم في ذلك أتباع كل ناعق ومبطل، أدخلوا في الشريعة ما ليس منها، وتركوا ما جاءت به.
وقالوا أساس الدين: واحد في ثلاثة، وثلاثة في واحد، أو الواحد ثلاثة، والثلاثة واحد.
فواعجباً لأمة تضيع أوقاتها في مثل هذا الهراء والضلال والمحال؟.
وكيف يرضى عاقل أن يكون هذا مبلغ عقله، ومنتهى علمه، وأساس دينه؟.
وكيف ضحك الشيطان والقساوسة والرهبان على أشباه الأنعام فقرروا لهم ما هو محال، وإن ضربوا له الأمثال فقالوا: الثلاثة واحد، والواحد ثلاثة؟.