فلما حصل من أهل الكتاب: اليهود والنصارى ما حصل من التحريف .. والتبديل .. والنسيان .. والكذب .. والابتداع .. والظلم .. والكتمان .. والحكم بغير ما أنزل الله .. والبهتان .. والكبر .. والإضلال .. والغلو .. والكفر .. والاستهزاء .. وقتل الأنبياء .. وسفك الدماء بغير حق .. وأكل أموال الناس بالباطل .. وتنقص الرب .. وتعطيل شرعه .. وقول الزور والبهتان في الأنبياء .. والصد عن سبيل الله.
لما حصل ذلك وغيره من أهل الكتاب ضل الناس عن طريق الهدى، وعاشوا في شقاء وعناء، فبعث الله العزيز الرحيم محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً للعالمين، ورحمة للبشرية أجمعين: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)} ... [الأعراف: ١٥٧].
وأكمل الله به للبشرية دينها، وأتم نعمته عليها كما قال سبحانه:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣].
فدينه أفضل الأديان .. وكتابه أعظم الكتب .. وشريعته أيسر الشرائع .. وأمته أفضل الأمم .. وهو أفضل الأنبياء وسيد المرسلين.
والذين كملت نعم الله عليهم هم المؤمنون به، الذين جمعوا بين معرفة الحق لذاته، والخير لأجل العمل به وهم المرادون بقوله سبحانه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} [الفاتحة: ٦، ٧].
فإن اختل قيد العمل فهم الفسقة والمغضوب عليهم، ممن أخطأ في الأعمال