للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقذفون اليوم بشبهة وغداً بشبهة، فتكثر الردود، وتتنوع الإجابات، وتختلف الفتاوى، فيحصل الشك، ويقع الجدل، وإذا بالعلماء بعد مدة لا يستطيعون ولا يتفرغون لنشر الإسلام، ولا يجدون الفرصة لتعليم الناس أحكام دينهم.

وقد جاء البلاء من عدم الفقه بدين الله من صنفين من الناس:

من أناس يتصدرون لرد الشبهات بلا علم .. أو أناس يتصدون للشبهات حتى تضيع أوقاتهم فيها.

وحينئذ يحقق أعداء الإسلام ما يريدون بإقحام العامة ليقولوا ما شاؤوا بلا علم .. وإشغال العلماء عن الواجبات والأصول، وضبط العلم وفقهه وتعليمه الناس.

فالاشتغال بالشبهات ودراستها له قيمة في الدين، وهو من الحق الذي يزال به الباطل، لكن الاشتغال به أكثر من اللازم تضيع به حقوق وواجبات كبرى، أكد عليها الشرع وألزم بها عباده.

وليس المراد قفل باب الرد على الشبهات، فإنه من الدين، وإنما عدم المبالغة فيه، وعدم فتح الباب لكل أحد أن يقول ما شاء، وإنما ذلك للعلماء الراسخين الذين يعلمون على وجه الإجمال والتفصيل أن دين الله هو الحق، وأن ما سواه هو الباطل، وأن الباطل مهما كان لا يقف أمام الحق، كما قال سبحانه: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١)} [الإسراء: ٨١].

ولا يحسب الناس أن دين الله عبث، فالحق يستمد قوته من ذاته، والجبار عز وجل يسمع ويرى، ويغار على دينه وحرماته، وهو العزيز الجبار، القوي الذي يدافع عن دينه وعباده المؤمنين، كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨)} [الحج: ٣٨].

فكل ما نرى من الكذب والافتراء، والصخب واللغط، والشبهات والتلبيسات، كلها منتهية مقطوع دابرها، ودابر أهلها، ودابر من دافع عنها، عاجلاً أو آجلاً.

أما الحق فهو باق ما بقي الزمان، وتعاقب الليل والنهار؛ لأن الله تكفل بحفظه،

<<  <  ج: ص:  >  >>