للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنَ امْرَأتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أنْتَ» أخرجه مسلم (١).

الثالثة: فتنة تموج كموج البحر، وهي فساد تدبير المدينة، وطمع الناس في الخلافة والولايات من غير حق كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» أخرجه مسلم (٢).

الرابعة: فتنة ملية، بأن يموت الصالحون، ويسند الأمر إلى غير أهله، ونحو ذلك.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ» متفق عليه (٣).

والفتن إذا جاءت كان ضررها على أهل الإيمان أكثر من غيرهم، كاللصوص إذا دخلوا بلداً، فأول من يخاف منهم أصحاب الأموال، فيتسلحون للدفاع عن أموالهم، أما غيرهم فلا يهتمون؛ لأنه ليس عندهم ما يخافون عليه.

وكذلك أهل الإيمان والأعمال الصالحة، إذا جاءت الفتن تسلحوا وتحصنوا بالإيمان والأذكار، والدعاء والعبادة، فذلك حصنهم من أعدائهم.

أما من ليس عنده إيمان وأعمال فلا يبالي؛ لأن حياته لم تقم على الإيمان والأعمال الصالحة، فليس عنده ما يخاف عليه، كالفقير الذي ليس عنده مال يخاف عليه من اللصوص.

والفتنة تطلق على العذاب وسببه، ولهذا سمى الله الكفر فتنة كما قال سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} [النور: ٦٣].

فالكفار فُتنوا أولاً بأسباب الدنيا وزينتها .. ثم فُتنوا بإرسال الرسل إليهم .. ثم


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٨١٣).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٢٨١٢).
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٦٠١) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٨٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>