فجمعوا بين فعل الباطل واعتقاده حقاً، وهذا أعظم جناية ممن عمل بالمعصية مع اعتقاد أنها معصية، فهذا أقرب إلى السلامة، وأرجى لرجوعه.
وصلاح الأرض أن تعمر بالإيمان بالله وعبادته، وطاعة الله ورسوله.
ولهذا خلق الله الخلق وأسكنهم في الأرض، وأدر لهم الأرزاق ليستعينوا بها على طاعة الله وعبادته، فإذا عمل الناس فيها بضده، كان سعياً بالفساد فيها، وإخراباً لها عما خلقت من أجله.
الخامسة: تسفيه الناس، فهم يزعمون أن الصحابة والمؤمنين سفهاء، وأن سفههم أوجب لهم الإيمان، وترك الأوطان، ومعاداة الكفار، والتعرض للقتل والفقر، والحرمان من الشهوات: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)} ... [البقرة: ١٣].
فنسبوا المؤمنين إلى السفه، وفي ضمنه أنهم هم العقلاء أرباب الحجج والنهي، وفي الحقيقة أنهم هم السفهاء؛ لأن السفه جهل الإنسان بمصالح نفسه، وسعيه فيما يضرها، وهذه الصفة صادقة عليهم، فكم ينالهم بسبب نفاقهم من الخزي في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
السادسة: الاستهزاء بالمؤمنين: فهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين أظهروا أنهم معهم، وإذا خلوا إلى شياطينهم وكبرائهم قالوا: إنا معكم في الحقيقة، وإنما نحن مستهزئون بالمؤمنين، فهذه حالهم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)} [البقرة: ١٤ - ١٥].
فهذه أهم صفاتهم القبيحة، وعلاماتهم المميزة لهم، فلله ما أخسرهم، وما أعظم ضلالهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا