وقد علم الله سبحانه أن الناس مؤمنهم وكافرهم لا يرزقون أنفسهم قليلاً ولا كثيراً لو قطع عنهم الأرزاق، وهو أكرم أن يكل عباده ولو كانوا أعداءه إلى ما يعجزون عنه البتة: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (٤٥)} [فاطر: ٤٥].
فالتجويع خطة لا يفكر فيها، ولا يدعو إليها، ولا يقوم بها، إلا أخس الأخساء، وألأم اللؤماء.
ولعظيم خطر المنافقين على المسلمين كشف الله في القرآن صفاتهم، وبين عوراتهم، وفضحهم حتى لا يخفى أمرهم على أحد.
فبين سبحانه أنهم هم السفهاء .. المفسدون في الأرض .. المخادعون لله ورسوله والمؤمنين .. المستهزئون .. المغبونون في اشترائهم الضلالة بالهدى .. وأنهم صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون .. وأنهم مرضى القلوب .. وأنهم أهل الحيرة والكسل عند العبادة .. وأهل التردد والتذبذب بين المؤمنين والكفار.
وأنهم أهل الرياء مع قلة ذكر الله .. وكثرة الحلف باسم الله تعالى كذباً وباطلاً.
وأنهم أهل الجبن والبخل .. لا يفقهون ما ينفعهم .. ولا يؤمنون بالله واليوم الآخر .. وأنهم يكيدون للإسلام والمسلمين .. ويكرهون ظهور أمر الله .. وأنهم يحزنون إذا حصل للمسلمين خير ونصر .. ويفرحون بما يحصل لهم من المحنة والابتلاء .. وأنهم يتربصون الدوائر بالمسلمين .. ويكرهون الإنفاق في سبيل الله ومرضاته .. وأنهم يعيبون المؤمنين .. ويرمونهم بما ليس فيهم .. فيرمون الأغنياء عند الصدقة بالرياء .. ويلمزون المتصدقين الفقراء ..
وهم عبيد الدنيا .. إن أُعطوا منها رضوا .. وإن لم يُعطوا سخطوا .. يؤذون الله ورسوله .. ويسخرون من المؤمنين.
وأنهم يكرهون الجهاد في سبيل الله .. ويفرحون إذا تخلفوا عن نصرة الدين ..