فالإيمان هو سبب النقمة، فهم يحقدون على المسلمين ويحسدونهم، ولا يرعون في مؤمن عهداً، ولا يتذممون من منكر: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠)} ... [التوبة: ١٠].
إن المسلمين يواجهون أعداء يتربصون بهم، ولا يقعد هؤلاء الأعداء من الفتك بالمسلمين بلا شفقة ولا رحمة إلا عجزهم عن ذلك.
لا يقعدهم عهد معقود، ولا ذمة مرعية، ولا تحرج من مذمة، ولا إبقاء على صلة.
هذا منهج الكفار مع المسلمين، وهو معلوم وواقع مشهود' لا ينحرفون عنه إلا لطارئ زائل، ثم يعود فيأخذ طريقه المرسوم: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢١٧)} [البقرة: ٢١٧].
وهؤلاء الكفار إن آمنوا بالله وعملوا بأحكام دينه فهم إخواننا، وإن نكثوا لما بايعوا عليه من الإيمان، وطعنوا في دين المسلمين فهم إذن أئمة الكفر، لا أيمان لهم ولا عهود، وعندئذ يكون القتال لهم لعلهم أن يتوبوا إلى الهدى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢)} ... [التوبة: ١٢].
إن قوة الجيش الإسلامي ومظهره وغلبته في الجهاد قد تَرُدّ قلوباً كثيرة إلى الصواب، وتريهم الحق الغالب فيعرفونه، ويعلمون أنه إنما غلب لأنه الحق، ولأن وراءه قوة الله، فيقودهم هذا كله إلى التوبة والهدى، لا كرهاً وقهراً، ولكن اقتناعاً بالقلب، بعد رؤية واضحة للحق الغالب، وقد وقع ذلك وما زال يقع: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤)} [الصف: ٤].
فالمعركة طويلة الأمد، ولم تكن بين المسلمين والمشركين بقدر ما كانت بين