للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سبحانه: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠)} [التوبة: ١٠].

فهذا وصف الله لهم:

عداوة مستمرة .. وإبادة بلا رحمة .. وطبيعة دائمة في حرب الإسلام والمسلمين بلا هوادة .. لا حالة مؤقتة عارضة .. إنه العداء العنيد .. والكيد الناصب .. والحرب الدائمة التي لم تفتر على مدار التاريخ .. وإنفاق الأموال .. وبذل الطاقات .. لضرب الإسلام في أي مكان وفي أي زمان.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦)} [الأنفال: ٣٦].

إن الجاهلية بكل ما فيها من أحزاب الكفر لا ترضى عن الإسلام أن يكون له كيان مستقل ... ولا تطيق أن يكون له وجود تراه .. وهي لا تسالم الإسلام حتى لو سالمها .. فكما لا يجتمع النور والظلام كذلك لا يجتمع الحق والباطل في مكان، لأن الإسلام إذا تميز بدولة ورجال ونظام أخافها، وهذا ما لا تطيقه الجاهلية، لذلك لا يطلب الكفار من الرسل مجرد أن يكفوا عن دعوتهم فحسب، بل يطالبون منهم أن يعودوا في ملتهم، وأن يندمجوا في المجتمع الجاهلي معهم، وأن يذوبوا فيه، فلا يكون لهم كيان مستقل، وهذا ما تأباه طبيعة هذا الدين لأهله، وما يرفضه الرسل ويأبونه، فما ينبغي للمسلم أن يعود إلى الظلام بعد النور الذي أكرمه الله به كما قال سبحانه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (١٤)} ... [إبراهيم: ١٣ - ١٤].

وهذا دأب الطاغوت إذا أحس بهزيمته أمام العقيدة خرج شاهراً سيفه بالقوة المادية الغليظة، وعندما تسفر القوة المادية الغاشمة عن وجهها الصلد لا يبقى مجال لدعوة، ولا مجال لحجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>