وما يشعل هؤلاء حرباً على الإسلام والمسلمين إلا ويعقبها حرب أخرى من أولئك، وما وقعت معركة مع المشركين إلا وأعقبها معركة مع اليهود في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فغزوة بدر كانت في السنة الثانية مع المشركين .. ثم أعقبها مباشرة غزوة بني قينقاع من اليهود .. ثم كانت غزوة أحد مع المشركين في السنة الثالثة من الهجرة .. ثم أعقبها غزوة بني النضير من اليهود .. ثم كانت غزوة الأحزاب في السنة الخامسة .. ثم أعقبها مباشرة غزوة بني قريظة من اليهود وهكذا ..
فأهل الكتاب لم يعودوا على دين الله بشهادة واقعهم، وشهادة اعتقادهم، فقد أمروا أن يعبدوا إلهاً واحداً فاتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، كما اتخذ النصارى المسيح ابن مريم رباً وإلهاً، وعبدوا الصليب.
وهذا منهم شرك، فهم إذن ليسوا مؤمنين بالله اعتقاداً، كما أنهم لا يدينون دين الحق واقعاً وعملاً: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١].
وكثير من المسلمين اليوم انتهوا إلى ما انتهى إليه كفار وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، ولم يبق معهم من الدين إلا اسمه، وهذا ما يريده أعداؤهم، فقد هانوا على الله، وهانوا على أعدائهم، ونزلت بهم النكبات والكوارث، والمصائب والفتن، وصاروا محط الشفقة، ومهبط الإغاثة، وذلك كله بسبب إعراضهم عن موائد القرآن، وقعودهم على موائد الشيطان: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٦٨) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)} [النساء: ٦٦ - ٧٠].
إن أهل الكتاب لا يقفون عند حد الانحراف عن دين الحق، وعبادة أرباب من