للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب الطويلة المدى، المنوعة الأساليب التي يشنها عليه أعداؤه من الكفار وأهل الكتاب سواء، ولكن هذه ليست نهاية المطاف، ووعد الله قائم ينتظر العصبة المسلمة التي تحمل راية الإسلام، وتمضي مبتدئة مما بدأ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «بَدَأ الإِسْلامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» أخرجه مسلم (١).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمَّتِي قَائِمَةً بِأمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهمْ أمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذلِك» متفق عليه (٢).

والقرآن في جداله مع أهل الكتاب يبين أن ما بأيديهم من الكتب لم يكن هو الكتاب الذي أنزله الله على أنبيائهم.

فمرة قال: {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: ١٤].

والذين لم ينسوه كتموه كما قال سبحانه: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)} [البقرة: ١٤٦].

والذي لم يكتموه حرفوه كما قال سبحانه: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: ١٣].

ثم جاءوا بأشياء من عندهم افتراءً وكذباً كما قال الله عنهم: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)} ... [البقرة: ٧٩].

وقد حذرنا الله ورسوله من طاعة أهل الكتاب، وبين أنهم يريدون رد المؤمنين إلى الكفر، وأن من تولاهم فهو منهم كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١)} [آل عمران: ١٠٠ - ١٠١].


(١) أخرجه مسلم برقم (١٤٥).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٦٤١)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٠٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>