ومن عصى الله وأطاع أهل الكتاب أضلوه، فخسر الدنيا والآخرة.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً شِبْراً، وَذِرَاعاً ذِرَاعاً، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ:«مَنْ؟» متفق عليه (١).
وأهل الكتاب من اليهود والنصارى بعدما كفروا بربهم وكذبوا رسله .. وقتلوا أنبياء الله .. وصدوا عن سبيل الله .. وحرفوا كتاب الله .. ونبذوه وراء ظهورهم .. وكتموا الحق .. ونقضوا العهد .. وأكلوا أموال الناس بالباطل .. ووصفوا الله بما لا يليق به، هل يصلحون بعد هذا لقيادة البشرية ودعوتها إلى ربها؟.
وما بقي عندهم من الدين الحق الذي يدعون الناس إليه؟.
وهل يستحقون بعد هذا كله إلا اللعنة والعذاب الموجع؟
وليس من حكمة الله أن يستعمل من كفر به وعصاه في حمل أمانة الدعوة إلى الله، وأن يحملها لعباده أمة ظالمة ملعونة، أو أمة تائهة ضالة.
فكانت رحمة الله لليشرية أن بعث إليها محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالدين الحق إلى يوم القيامة: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨)} [الأعراف: ١٥٨].
وكل من رغب عن ملة إبراهيم فهو سفيه لا يصلح للقيادة كما قال سبحانه:
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٣٢٠)، واللفظ له، ومسلم برقم (٢٦٦٩).