وقد رغبت اليهود والنصارى عن ملة إبراهيم (وابتدعوا اليهودية والنصرانية، وتركوا دين إبراهيم، وبدلوا دين الأنبياء، كما قال الله عنهم: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥)} [البقرة: ١٣٥].
واليهود والنصارى ليسوا على ملة إبراهيم التي هي عبادة الله وحده، فهم إنما يعبدون الشيطان ويزعمون أنهم على ملة إبراهيم، فكذبهم الله بقوله سبحانه: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)} [آل عمران: ٦٧].
فاليهود مغضوب عليهم؛ لأنهم عرفوا الحق ولم يعملوا به، بل عملوا بضده.
والنصارى ضالون عن الحق، مشركون يعبدون الله ويشركون به غيره.
وأما اليهود فلا يعبدون الله، بل هم معطلون لعبادة الله، مستكبرون عنها، كما قال الله عنهم: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (٨٧)} [البقرة: ٨٧].
والنصارى مع شركهم بالله لهم عبادات كثيرة مبتدعة.
واليهود من أقل الأمم عبادة، وأبعدهم عن عبادة الله وحده؛ لأنهم متبعون أهواءهم عابدون للشيطان.
وجميع أعمال اليهود والنصارى بعد بعثة النبي (حابطة باطلة، ولو عبدوا الله وحده لم تحبط أعمالهم.
وقبل بعثة النبي (إنما كان يعبد الله من عبده بما أمره الله به فله أجره عند ربه، وأما من ترك عبادة الله واتبع هواه من أهل الكتاب فهو كافر.
وأما موسى وعيسى وأتباعهما على الحق فهم على ملة إبراهيم وهو إمامهم كما قال سبحانه: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨)} [آل عمران: ٦٨].