غُلَّت أيديهم إلى أعناقهم .. وجُمع بين نواصيهم وأقدامهم.
طعامهم الزقوم، والصديد، والضريع .. وشرابهم الحميم والغساق وفرشهم من نار .. ولباسهم من نار: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٢٢)} [الحج: ١٩ - ٢٢].
فما أعظم هذه الأحوال والأهوال، وما أشد حسرات أهل النار.
فهل نقبل هذا الإنذار، ونستعد لذلك الموقف الرهيب؟.
{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٩)} ... [مريم: ٣٩].
وهذه الدار التي عَرَفْت همومها وغمومها وشدة عذابها، تقابلها دار أخرى، وهي دار النعيم، ودار السلام، دار المتقين.
ومن لم يدخل هذه الدار استقر لا محالة في الدار الأخرى.
وقد وعد الله تبارك وتعالى أهل طاعته وعبادته بدخول الجنة فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (٥٧)} [النساء: ٥٧].
فتفكر في أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم.
في وجوههم نضرة النعيم .. يسقون من رحيق مختوم .. ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق .. يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير.
متكئين على أرائك منصوبة على أطراف أنهار مطردة بالخمر والعسل والماء واللبن، محفوفة بالغلمان والولدان كما قال سبحانه: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (١٩)} ... [الإنسان: ١٩].
يطوف عليهم في تلك الجنان ولدان مخلدون بأكواب وأباريق، وكأس من معين، بيضاء لذة للشاربين، وجنانهم مزينة بالحور العين للتنعم والاستمتاع .. لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان .. كأنهن الياقوت والمرجان ... كأمثال اللؤلؤ