للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتربية العقل والمحافظة عليه.

أما تربية الخُلق، فالخُلق عَرَض من أعراض الروح البشرية، فإذا كان الروح سليماً كان الخلق سليماً، وإذا كان الروح مريضاً كانت الأخلاق مريضة رديئة.

فالخُلق مرآة تنعكس عليها صورة الروح البشري.

وقد اعتنى الإسلام بتربية الخلق الحسن في آيات وأحاديث كثيرة، ودعا الناس إلى التخلق بكل خلق جميل.

قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤].

وقال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)} [الأعراف: ١٩٩].

وقال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)} [فصلت: ٣٤، ٣٥].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُِتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلَاقِ» أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد (١).

وبين الروح والخلق ارتباط وثيق، ومن هنا فالعناية بتربية الخلق هي نفسها العناية بتربية الروح.

وتربية الروح من أشد أنواع التربية صعوبة، وأكثرها تعقيداً، لخفاء الروح، وعدم ظهورها، فهي تحتاج إلى معلمين ربانيين مختصين.

فكما أن الجسم يطرأ عليه المرض بسبب المؤثرات الخارجية فيعتل ويداوى بالأدوية فيشفى بإذن الله، فكذلك الروح يطرأ عليه المرض بسبب المؤثرات الخارجية، فيداوى بالمناسب من الأدوية الروحية التي هي العبادات الشرعية، فيشفى بإذن الله عزَّ وجلَّ.

وكما أن الجسم إذا مرض تظهر عليه أعراض المرض من صفرة الوجه


(١) حسن: أخرجه أحمد برقم (٨٩٥٢).
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (٢٧٦)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>