للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشحوبته، وضعف الجسم وهزاله، فيعجز عن القول والعمل، والتفكير والحركة.

فكذلك الروح إذا مرض تظهر عليه أعراض مرضه كالسرقة والخيانة والكذب والنفاق، وشرب الخمر، وارتكاب كبائر الإثم والفواحش.

وكما أن الجسم يتلوث بالأوساخ والأدران فيُغسل بالماء والصابون فينظف، فكذلك الروح يتلوث بالذنوب والمعاصي فيتطهر بالاستغفار والتوبة والندم، وفعل الأعمال الصالحة، فيعود إليه صفاؤه وطهره.

وكما أن بين الجسم والعقل ارتباط وثيق، فكذلك بين الروح والخلق ارتباط وثيق، ولا يكمل أحدهما بدون الآخر.

قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢)} ... [الجمعة: ٢].

فالتزكية هي التربية الروحية والأخلاقية، فالروح يزكو بالعبادات وبمكارم الأخلاق، وتعليم الكتاب والحكمة هي التربية العقلية.

وسعادة الإنسان وكماله متوقفان على تربية جسمه وعقله، وأخلاقه وروحه.

وكما اهتم الإسلام بتربية البشر، فقد اعتنى أيضاً برجال التربية، وحث على احترامهم وتقديرهم، وفرض محبتهم، وأوجب طاعتهم فأعظم المربين، وسيد الأنبياء والمرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم - قد أوجب الله محبته .. وطاعته .. وحذر من معصيته.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى أكُونَ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أجْمَعِين» متفق عليه (١).

وأوجب الله طاعته بقوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢)} [آل عمران: ١٣٢].


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١٥)، ومسلم برقم (٤٤) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>