للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم، فإنه يخبر به عنه، ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العلا.

وأسماء الله عزَّ وجلَّ منها ما يطلق عليه مفرداً، أومقترناً بغيره، وهو غالب الأسماء كالعزيز والحكيم، والسميع والبصير، والعفو والغفور، فتقول مثلاً سبحان العزيز، أو سبحان العزيز الحكيم.

ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده، بل مقروناً بمقابله كالمعطي المانع، والنافع الضار، والمعز المذل ونحوها.

فهذه أسماء مزدوجة يجري الاسمان منها مجرى الاسم الواحد، لأنه يراد بها المتفرد بالربوبية، وتدبير الخلق والتصرف فيهم عطاءً ومنعاً، نفعاً وضراً، فهي وإن تعددت جارية مجرى الاسم الواحد، ولذلك لم تجئ مفردة، ولم تطلق عليه إلا مقترنة.

وقد تجلى الله تبارك وتعالى في كتابه لعباده بأسمائه الحسنى وصفاته العلا:

فتارة يتجلى في جلباب الهيبة والعظمة، والجلال والجبروت، فتخضع الأعناق، وتنكسر كبرياء النفوس، وتخشع الأصوات، ويذوب الكبر كما يذوب الملح في الماء.

وتارة يتجلى سبحانه بصفات الجمال والكمال، وهو جمال الأسماء، وجمال الصفات، وجمال الأفعال، الدال على كمال الذات، فيستنفذ حبه من قلب العبد قوة الحب كلها، بحسب ما عرفه من ذلك، فيصبح فؤاده فارغاً إلا من محبة الله، وتصير المحبة له طبعاً لا تكلفاً.

وإذا تجلى سبحانه بصفات البر والرحمة، واللطف والإحسان، انبعثت قوة الرجاء من العبد، وانبسط أمله، وانشرح صدره، وقوي طمعه، وكلما قوي الرجاء جد في العمل، وتلذذ به، وأكثر منه.

وإذا تجلى عزَّ وجلَّ بصفات السمع والبصر، انبعثت من العبد قوة الحياء،

<<  <  ج: ص:  >  >>