للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيستحي من ربه أن يراه على ما يكره، أو يسمع منه ما يكره، أو يخفي في نفسه ما يمقته عليه ربه.

فتبقى أقواله وأفعاله، وحركاته وخواطره، موزونة بميزان الشرع، غير مهملة ولا مرسلة تحت حكم الطبيعة والهوى.

وإذا تجلى جل جلاله بصفات العدل والانتقام، والغضب والسخط، والعقوبة والتدمير، انقمعت النفس الأمارة، وبطلت أو ضعفت قواها، من الشهوة والغضب، واللهو واللعب، والحرص على المحرمات، وأخذت حظها من الخوف والخشية والحذر.

وإذا تجلى سبحانه بصفات الكفاية والحسب، والقيام بمصالح العباد، وسوق أرزاقهم إليهم، ودفع المصائب عنهم، ونصره لأوليائه، وحمايته لهم، انبعثت من الصدر قوة التوكل عليه، وتفويض الأمور إليه، والرضى به، والتسليم له.

وإذا تجلى الجبار بصفات العز والكبرياء، ذلت النفس لعظمته، وانكسرت لعزته، وخضعت لكبريائه، وخشع القلب له، وانقادت الجوارح لطاعته، فتعلوه السكينة والوقار والطمأنينة، ويذهب طيشه وحدته.

والله حكيم عليم، يتعرف إلى العباد بصفات الربوبية تارة، وبصفات الإلهية تارة.

فيوجب للعبد شهود صفات الإلهية محبة الله، والأنس والفرح به، والشوق إلى لقائه، والمنافسة في قربه، والسرور بخدمته، والتودد إليه بطاعته، واللهج بذكره، والفرار من الخلق إليه.

ويوجب له شهود صفات الربوبية تعظيم الرب، وحسن التوكل عليه، والافتقار إليه، والاستعانة به، والذل والخضوع له، والانكسار له.

وكمال ذلك أن يشهد ربوبيته في قضائه وقدره .. ونعمته في بلائه .. وعطاءه في منعه .. وعدله في انتقامه .. وجوده وكرمه في مغفرته وستره وتجاوزه .. وبره ولطفه .. وإحسانه ورحمته في قيوميته .. ويشهد حكمته في تدبيره .. ونعمته في

<<  <  ج: ص:  >  >>