للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمره ونهيه .. وعزه في رضاه وغضبه .. وحلمه في إمهاله.

فما أعظم الخالق الذي خلق المخلوقات، الحكيم الذي يدبر الكون حسب مشيءته، العظيم الذي خلق هذا الكون العظيم، وله ما في السموات وما في الأرض، وهو العزيز الحكيم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)} [الزمر: ٦٧].

وإذا تأملت القرآن وتدبرته أشهدك ملكاً قيوماً، علياً عظيماً، قوياً عزيزاً، له العزة والكبرياء، وله الجبروت والملكوت، فوق سماواته على عرشه، يدبر أمر الخلائق كلها في العالم العلوي، وفي العالم السفلي:

يأمر وينهى .. ويقضي ويحكم .. ويرسل الرسل .. وينزل الكتب .. ويرضى ويغضب .. ويثيب ويعاقب .. ويعز ويذل .. ويخفض ويرفع .. ويعطي ويمنع .. ويرى ويسمع .. فعال لما يريد .. موصوف بكل كمال .. لا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه .. ولا تسقط ورقة إلا بعلمه .. ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه .. بيده الملك وهو على كل شيء قدير:

يخلق ويرزق .. ويحيي ويميت .. ويكرم ويهين .. الخلق والأمر له .. والكون كله له .. والأمور كلها بيده .. ومصدرها منه .. ومردها إليه .. يثني على نفسه .. ويمجد نفسه .. ويحمد نفسه .. ويثني على عباده .. ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم .. ويرغبهم فيه .. ويحذرهم مما فيه هلاكهم .. ويتعرف إليهم بأسمائه وصفاته .. ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه .. ويذكرهم بنعمه .. ويحذرهم من نقمه .. ويذكرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه .. وما أعده من العقوبة إن عصوه .. ويخبرهم بما فعله بأوليائه وأعدائه، وعاقبة هؤلاء وهؤلاء.

وإذا شهدت القلوب ملكاً هذا شأنه، وهذه عظمته، وهذه آلاؤه ونعمه، وهذا إحسانه، وهذا جماله، فكيف لا تحبه، ولا تنافس في القرب منه، وتنفق أنفاسها في التودد إليه، ويكون أحب إليها من كل ما سواه؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>