للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشاء من خلقه .. وينزع البركة ممن يشاء من خلقه.

والبركة نوعان:

الأولى: بركة هي فعله تبارك وتعالى، والفعل منها بارك، تارة يتعدى بنفسه، وتارة بعلى، وتارة بفي، والمفعول منها مبارك، وهو ما جعل كذلك، فكان مباركاً بجعله تعالى كما قال سبحانه عن المسيح: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: ٣١].

وقال عن كتابه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} [ص: ٢٩].

الثانية: بركة تضاف إليه سبحانه كإضافة الرحمة والعزة، والفعل منها تبارك، ولهذا لا يقال لغيره ذلك، ولا يصلح إلا له عزَّ وجلَّ، فهو سبحانه المبارك، وعبده ورسوله المبارك.

وأما صفته (تبارك) فمختصة به تعالى كما أخبر بها عن نفسه بقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)} [الفرقان: ١].

وقال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} [الملك: ١].

وقال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١)} [الفرقان: ٦١].

فالبركة كلها لله تعالى، والبركة منه، فهو المبارك جل جلاله، ومن ألقى عليه بركته فهو المبارك، ولهذا هو الذي جعل كتابه مباركاً، ورسوله مباركاً، وبيته مباركاً، والأزمنة والأمكنة التي شرفها واختصها مباركة، فليلة القدر مباركة، والمسجد الأقصى مبارك، وأرض الشام مباركة.

ومعنى تبارك تعاظم، الدال على العظمة، كتعالى الدال على العلو، فكذلك تبارك دال على كمال بركته وعظمتها، فمنه تأتي البركات كلها، وباسمه يتبارك كل شيء، وبيده الخير والرحمة والإحسان: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>