تبصره، وما خلقه الله في الدنيا، وما خلقه الله في الآخرة.
وذلك بأن تبدأ من نفسك فتستحضر في عقلك جملة أعضائك البسيطة والمركبة، والظاهرة والباطنة، وجميع قواك الطبيعية والحيوانية والإنسانية التي وهبك الله سبحانه.
ثم استحضر في عقلك جميع ما في هذا العالم من أنواع المعادن والتراب، والنبات والحيوان، والإنس والجان.
ثم ضم إليه ما خلق الله سبحانه من البحار والجبال، والمفاوز والتلال، وجملة ما فيها من عجائب النبات والحيوان وذرات الهباء.
ثم ترقَّ منها إلى بحر الهواء وما فيه من الطيور السابحات كما تسبح الأسماك في بحر الماء، غادية ورائحة، صاعدة وهابطة.
ثم ترقَّ منها إلى السماء الدنيا، وانظر إلى عظمتها وجمالها واتساعها، وكيف زينها الله عزَّ وجلَّ بالنجوم والكواكب المنثورة التي لا تحصى، فهل ترى فيها من فطور: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦)} [ق: ٦].
ثم ترقَّ من سماء إلى سماء لترى عظمة صنع الله الذي أتقن كل شيء.
ثم ترقَّ بعقلك وفكرك حتى تصل إلى سدرة المنتهى، والبيت المعمور، وما يطوف به من الملائكة، واللوح والقلم، والجنة والنار، والعرش والكرسي ترى مَلكاً لا أعظم منه، ومُلكاً لا أعظم منه، وخلقاً لا أعظم منه.
ثم انتقل من عالم الأجساد إلى عالم الأرواح، واستحضر في عقلك جميع الأرواح العلوية والسفلية، البشرية وغير البشرية.
ثم استحضر جميع الأرواح المتعلقة بالوحي والنبات والجبال والبحار والمياه والأرحام والأقوال والأفعال.
ثم استحضر ملائكة سماء الدنيا، وملائكة جميع السموات السبع، تجد ما في السموات السبع موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد لربه: {وَلَهُ