ثم استحضر جميع الملائكة الذين يطوفون بالبيت المعمور فوق السماء السابعة، ولكثرتهم من طاف به منهم لا يعود إليه.
ثم استحضر ملائكة الجنة، وخزنة النار، وكثرتهم وعظمة خلقهم.
ثم استحضر جميع الملائكة المقربين، والحافين حول العرش، وجميع حملة العرش، وانظر إلى عظمتهم، وعظمة العرش الذي يحملون، وعظمة التسبيح والتقديس الذي به يتلذذون: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٧)} [غافر: ٧].
والعرش أعظم المخلوقات وأعلاها وأوسعها، وما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن بالنسبة للكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة، والعرش لا يقدر قدره أحد، ولا يعرف عظمته إلا الذي خلقه، والله بعظمته وجلاله وكبريائه مستوٍ على العرش بأعظم الصفات وأوسعها وهي صفة الرحمة كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥].
وإذا عرفنا أن عظمة العرش في مقابل عظمة الله كالذرة بالنسبة للجبل، علمنا أن خالق هذا الكون، وفاطر هذا العالم، هو الله العظيم الذي لا أعظم منه، الكبير الذي لا أكبر منه، القوي الذي لا أقوى منه، الغني الذي لا أغنى منه، لا إله إلا هو رب العرش العظيم.
فأعظم الطاعات معرفة الله سبحانه، وعبادته وحده لا شريك له، وحسن الظن به كما قال سبحانه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (١٩)} [محمد: ١٩].
وأعظم المعاصي الجهل بالله عزَّ وجلَّ، وسوء الظن به، فالمسيء به الظن قد