للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجبال، وجعلها أوتاداً تحفظها لئلا تميد بهم.

ووسع سبحانه أكنافها، ودحاها، ومدها، وبسطها، وجعلها كفاتاً للأحياء تضمهم على ظهرها ما داموا أحياء، وكفاتاً للأموات تضمهم في بطنها إذا ماتوا، فظهرها وطن للأحياء، وبطنها وطن للأموات كما قال سبحانه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (٢٦)} [المرسلات: ٢٥، ٢٦].

والأرض كائن حي، يحيا ويموت، فالماء حين يصيب الأرض، يبعث فيها بأمر الله الخصب، فتنبت الزرع الحي النامي، وتموج صفحاتها بألوان وأشكال من الأحياء من النباتات، والماء رسول الحياة من الله، فحيث كان تكون الحياة: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤)} [الروم: ٢٤].

فانظر إلى الأرض وهي ميتة هامدة خاشعة، فإذا أنزل الله عليها الماء اهتزت وتحركت، وربت واخضرت، وأنبتت من كل زوج بهيج، فأخرجت عجائب النبات في المنظر والمخبر.

أقوات وأزهار وثمار على اختلافها، وتباين مقاديرها وأشكالها، وألوانها ومنافعها، وأنواع الفواكه والثمار، ومراعي الدواب والطير: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)} [الحج: ٥].

ثم انظر إلى قطع الأرض المتجاورات، وكيف ينزل عليها ماء واحد، فتنبت الأزواج المختلفة المتباينة في اللون والشكل، والرائحة والطعم، والمنفعة والحجم، واللقاح واحد، والأم واحدة، والنتاج مختلف.

فسبحان من أودع هذه الأجنة المختلفة في بطن هذه الأم، وجعلها تحمل بذلك من لقاح واحد أمم وقبائل من النبات: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (٣٠)} [الأنبياء: ٣٠].

وسبحان من أحكم جوانب الأرض بالجبال الراسيات، الشوامخ الصم

<<  <  ج: ص:  >  >>