للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاب، ونصبها فأحسن نصبها، ورفعها وجعلها أصلب أجزاء الأرض، لئلا تضمحل على تطاول السنين، وترادف الأمطار، وتوالي الرياح، وأتقن صنعها، وأحكم وضعها، وأودعها من المنافع والمعادن والجواهر والعيون ما أودعها، ثم هدى الناس للاستفادة منها، ولولا هدايته لهم إلى ذلك لم يعرفوه ولم يقدروا عليه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧)} [النبأ: ٦، ٧].

والله تبارك وتعالى هو الذي أنزل من السماء ماء مباركاً، وأسكنه في الأرض، يستفيد منه الإنسان والحيوان والنبات على مدار العام كما قال سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨)} ... [المؤمنون: ١٨].

فسبحان من أودع الماء في الأرض، ثم أخرج به أنواع الأغذية والأدوية والأشربة والأقوات على مدار العام.

فهذا لغذاء الإنسان .. وهذا لغذاء الحيوان .. وهذا سم قاتل. وهذا شفاء من السم .. وهذا حار .. وهذا بارد .. وهذا حلو .. وهذا مر .. وهذا حامض .. وهذا مالح .. وهذا ثمر .. وهذا ورق .. وهذا حب متراكب .. وهذ منفرد .. وهذا ثمر مستور .. وهذا مكشوف .. وهذا ثمر أبيض .. وهذا أصفر .. وهذا أحمر .. وهذا أسود.

وهذا ثمره في باطن الأرض .. وهذا على سطح الأرض .. وهذا ثمره في أعلاه .. وهذا في أسفله .. إلى غير ذلك من عجائب النبات التي لا يحصيها ولا يعلمها إلا الله وحده، والذي لا تكاد تخلو ورقة ولا زهرة، ولا ثمرة ولا خشبة منه، من منافع تعجز العقول عن الإحاطة بها: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١١)} [لقمان: ١١].

وانظر إلى قدرة الله في سوق الماء في تلك العروق الرقيقة الضعيفة، وكيف يستقبله النبات، وكيف يجذبه من مقره ومركزه إلى فوق، ثم ينصرف في تلك الأغصان والأوراق والثمار.

فسبحان من أنزل الماء بقدرته، ورفعه بقدرته، وسيره بقدرته، وقسمه بعلمه

<<  <  ج: ص:  >  >>