وسبحان الخلاق العليم الذي خلق الأرض وبسطها، وشق أنهارها، وأنبت أشجارها، وأخرج ثمارها، ومن صدعها عن النبات، وأودع فيها جميع الأقوات: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤)} [الشعراء: ١٧٤].
وسبحان الذي يمسك الأرض أن تتحرك أو تزلزل فيسقط ما عليها من بناء ومعلم، أو يخسفها بمن عليها فإذا هي تمور، وتبلع ما على ظهرها.
وإذا خسف الله بالأرض، فمن ذا يمسكها سواه، وإذا زلزلها فمن ذا يثبتها سواه: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤١)} [فاطر: ٤١].
وهو سبحانه الذي جعل الأرض خزانة حافظة لما استودع فيها من المياه، والأرزاق، والمعادن، والنبات والحيوان، وجعل فيها الجنات والحدائق والعيون،
إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار.
والله عزَّ وجلَّ هو الحي الذي يحيي الأرض بعد موتها، فينزل عليها الماء من السماء، ثم يرسل عليها الرياح، ويطلع عليها الشمس، فتأخذ في الحبل، فإذا كان وقت الولادة، مخضت للوضع، واهتزت وأنبتت من كل زوج بهيج، بإذن ربها وفاطرها.
فتبارك الله أحسن الخالقين، الذي جعل السماء كالأب، والأرض كالأم، والقطر كالماء الذي ينعقد منه الولد، فإذا حصل الحب في الأرض، وصب عليه الماء، وكان في الموسم، انتفخت الحبة، وانفلقت عن ساقين، ساق من فوقها وهو الشجرة، وساق من تحتها وهو العروق، ثم عظم ذلك الولد، ثم وضع من