للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولاد بعد أبيه آلافاً مؤلفة، كل ذلك صنع الرب في حبة واحدة، وذلك من البركة التي وضعها الله سبحانه في هذه الأم، وجعل ذلك دليلاً على إخراج من في القبور، ليوم البعث والنشور: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧)} [الحج: ٥ - ٧].

فالأرض كالأم تحمل في بطنها أنواع الأولاد من كل صنف، ثم تخرج بأمر الله من ذلك للإنسان والحيوان ما أذن لها فيه ربها أن تخرجه، إما بعملهم وإما بدونه، ثم يرد إليها ما خرج منها، فينبته الله مرة أخرى .. وهكذا.

وجعلها سبحانه كفاتاً للأحياء ما داموا على ظهرها، فإذا ماتوا استودعتهم في بطنها، فكانت كفاتاً لهم تضمهم على ظهرها أحياء، وفي بطنها أمواتاً.

فإذا جاء يوم الوقت المعلوم، وقد أثقلها الحمل، وحان وقت الولادة ودنو المخاض، أوحى إليها ربها وفاطرها أن تضع حملها، وتخرج أثقالها، فتخرج الناس بإذن ربها من بطنها إلى ظهرها.

{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (٤٤)} [المعارج: ٤٣، ٤٤].

ثم تحدث أخبارها، وتشهد على بنيها بما عملوا على ظهرها من خير أو شر: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٤ - ٨].

فسبحان من أخرج الليل والنهار بواسطة الأجرام العلوية، وأخرج الذكور والإناث بواسطة الأجرام السفلية، فأخرج من الأرض ذكور الحيوان وإناثه، وذكور النبات وإناثه، على اختلاف أنواعها، كما أخرج من السماء الليل والنهار بواسطة الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>