وأشرف الجواهر عند الإنسان الذهب والفضة، ولو كانت الأرض من هذه الجواهر لفاتت مصالح العباد والحيوان منها، وتعطلت المنافع المقصودة منها.
ومن هنا نعلم أن جواهر التراب ومنافعه أشرف من هذه الجواهر وأنفع وأبرك، وإن كانت تلك أعز وأغلى، فغلاؤها وعزتها لقلتها، وإلا فالتراب أنفع منها وأبرك وأنفس.
ومن رحمته سبحانه أن خلق الأرض كثيفة غبراء، فصلحت أن تكون مستقراً للنبات والحيوان والأنام.
لم يجعلها سبحانه شفافة لا يستقر عليها النور، فلا تقبل السخونة، فتكون باردة لا يعيش عليها ولا فيها حيوان ولا نبات.
ولم يجعلها صقيلة براقة، لئلا يحترق ما عليها بسبب انعكاس أشعة الشمس، كما يشاهد من احتراق القطن عند انعكاس شعاع الجسم الصقيل الشفاف عليه.
ومن الآيات في الأرض ما أوقعه الله بالأمم التي كذبت رسله، وخالفت أمره، فأبقى آثارهم دالة عليهم كما قال سبحانه: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (٢٦)} ... [السجدة: ٢٦].
وقال سبحانه:{وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ}[العنكبوت: ٣٨].
فكم من آية؟، وكم من عبرة؟، وكم من تبصرة؟، وكم من ذكرى في هذه الأرض ما عليها؟.
وأي دلالة أعظم من رجل يخرج وحده لا مال له ولا عدة ولا عدد.
فيدعو الأمة العظيمة إلى توحيد الله والإيمان به وطاعته، ويحذرهم بأسه ونقمته، فيكذبونه ويعادونه، فيذكرهم أنواع العقوبات الخارجة عن قدرة البشر،