وتقسيم الماء على هذا النحو في الأرض، لم يجيء مصادفة ولا جزافاً، بل هو مقدر تقديراً عجيباً من العزيز العليم.
وهذا القدر الواسع من الماء المالح، هو اللازم بدقة لتطهير جو الأرض، وحفظه دائماً صالحاً للحياة والعافية.
ومن هذا البحر الواسع تنبعث الأبخرة بأمر الله، تحت تأثير حرارة الشمس، وتأتي الرياح فتثيرها سحاباً يجري في السماء، وهي التي تعود بأمر الله فتسقط أمطاراً، يتكون منها الماء العذب، فيروي الأرض، وتجري منه الأنهار: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨)} [الروم: ٤٨].
وعلى هذا الماء العذب الذي ينزله الله من السماء، ويفرقه في البلاد، تقوم حياة النبات والحيوان والإنسان.
وتصب جميع الأنهار في البحار، وهي التي تنقل إليها أملاح الأرض، ومستوى سطح الأنهار أعلى في العادة من مستوى سطح البحر، ومن ثم لا يبغي البحر على النهر الذي يصب فيه، ولا يغمرمجراه بمائه المالح فيحوله عن وظيفته: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (٥٣)} [الفرقان: ٥٣].
وهذا البحر العظيم لولا أن الله يمسكه لفاض على الأرض وأغرق ما فيها، ولكن الله يحبسه ويمسكه، وسيفجره عند قيام الساعة ويجره.
وفي البحر نباتات وأشجار لا يحصيها ولا يعلمها إلا الله وحده.
ومن آيات الله في البحرين أنه: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢)} [الرحمن: ٢٢].
واللؤلؤ أصله حيوان، ففي البحر عجائب، ولعل اللؤلؤ من أعجب ما في