وقيمة الإنسان ومكانته بين المخلوقات عظيمة .. فمكانته بين السموات والأرض .. كمكانة القلب من الجسم، وبقاء المخلوقات مرهون بوجود الإنسان .. وكما أن القلب إذا فقد هلك البدن .. فكذلك الإنسان إذا فقد أنهى الله هذا الكون وطواه.
وقد خلق الله جميع المخلوقات، وجعل لكل مخلوق مقصداً، وأشرف المخلوقات مقصداً هو الإنسان، وهو من المخلوقات بمنزلة القلب من البدن.
وقد شاء الله عزَّ وجلَّ أن يخلق آدم .. ويستخلفه في الأرض .. فأقدره على أشياء .. وأعجزه عن أشياء .. وعلمه أشياء .. وستر عنه أشياء. وقهره على أشياء .. وجعل له الخيار في أشياء .. وذلك ليستكمل مقومات الخلافة .. ولا ينسى أنه غير أصيل .. فله مرجع يعود إليه .. وقوة أعلى يعود إليها .. ويستعين بها .. تمده بما شاء.
ولم يرسل الله آدم إلى الأرض ليقيم أمر الله دون تدريب عملي، بل جعل له تجربة واقعية يعيش فيها التكليف بأمره ونهيه، وبمقومات التكليف من الغفلة والنسيان، وإغواء الشيطان وتزيينه، قبل أن يهبط إلى الأرض، فإذا أخطأ رده الله إلى الصواب بلطف.
فأسكنه الله الجنة مع زوجه، وأمده بكل ما يحتاج بدون تعب ولا نصب كما قال سبحانه: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)} [طه: ١١٨، ١١٩].
ثم حذر سبحانه آدم من معوقات التكليف خاصة الشيطان فقال: {فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧)} [طه: ١١٧].
ثم كان ما كان من الشيطان فأغرى آدم وزوجه بالأكل من الشجرة: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا