فأغراهما بالأكل من الشجرة، ليحصل لهما الخلود والملك، وأكد ذلك لهما بصفة الناصح الذي يريد لهما الخير: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (٢٠) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف: ٢٠ - ٢٢].
ونسي آدم أنه في دور التجربة والتدريب، فأكل وزوجه من الشجرة فماذا حصل لهما؟: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢)} [الأعراف: ٢٢].
وماذا كان جزاء آدم حين نسي أمر ربه وأكل من الشجرة؟.
كان جزاؤه فقط أن يلقنه الله مولاه كيف يرجع إليه: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)} [البقرة: ٣٧].
فاستجاب الله لدعاء آدم، واجتباه وتاب عليه وهداه، كما قال سبحانه: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)} [طه: ١٢٢].
وبعد هذه التربية لآدم في الجنة، وبعد ما ظهرت له عداوة الشيطان، وبعد ما علمه الله كيف يتخلص من الذنب، أهبط الله آدم إلى الأرض، ليقوم وذريته بالخلافة فيها، وأهبط معه الشيطان وحذره منه: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٢٤)} [الأعراف: ٢٤].
ولما أهبط الله آدم وزوجه إلى الأرض رزقهم الذرية، وأخبرهما بحال إقامتهم فيها، وأنه جعل لهم فيها حياة مشحونة بالامتحان والابتلاء، ثم يتلوها الموت.
وأنهم لا يزالون فيها، يرسل الله إليهم رسله، وينزل عليهم كتبه، حتى يأتيهم الموت فيدفنون فيها، ثم إذا استكملوا بعثهم الله وأخرجهم منها إلى الدار التي