يحبونه، فأنزلهم إلى دار الابتلاء ليكملوا مراتب العبودية، ويعبدوه في السراء والضراء بما تكرهه نفوسهم، وهذا لا يحصل في دار النعيم المطلق.
ومنها أن أسماء الله الحسنى كالغفور والرحيم، والعزيز والكريم، والملك والجبار لها آثار، فأنزل الله آدم إلى الأرض، وجعل له ذرية، ليظهر أثر أسمائه وصفاته فيهم، وفيما حولهم من المخلوقات.
فإن الله هو الملك الذي يأمر وينهى، ويعطي ويمنع، ويعز ويذل، ويثيب ويعاقب، فأنزل أبوي الإنس والجن، إلى دار تجري عليهم فيها هذه الأحكام، ثم يعودون إليه مع ذرياتهم، فيحاسبهم على ما عملوا كما قال سبحانه: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (١٣٠)} [الأنعام: ١٣٠].
والله تبارك وتعالى هو الملك، الذي يملك كل شيء، له ملك السموات والأرض، وله ملك الدنيا والآخرة، وهو ربنا ونحن عبيده.
وهو مالك الملك .. ولا بد للملك من جنود .. والله له جنود السموات والأرض من ملائكة وغيرهم .. وما يعلم جنود ربك إلا هو .. ولا بد للملك من أوامر تصلح بها أحوال رعيته .. وهي الكتب السماوية المشتملة على الحث والترغيب، والنهي والتحذير .. ولا بد له من سفراء بينه وبين خلقه .. وهم الرسل الذين يبينون للناس ما نزل إليهم من ربهم .. ولا بد أن تكون له محكمة يحاسب فيها من أطاع ومن عصى .. فيجزي على الخير خيراً .. وعلى الشر شراً .. وهي يوم القيامة.
ولا بدَّ له بعد الحساب أن يكرم أهل طاعته بما يسعدهم وهي الجنة، وأن يذل ويهين أهل معصيته بما أعد لهم من العذاب وهي النار.