للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت الأرواح العلوية وهم الملائكة متميزاً بعضهم عن بعض من غير أجسام تحملهم، وكذلك الجن، فتميز الأرواح البشرية أولى.

وأرواح الموتى تتلاقى وتتزاور، وأرواح الأحياء والأموات تتلاقى في النوم، ويكلم بعضها بعضاً، كما تلتقي أرواح الأحياء، وكما تلتقي أرواح الموتى كما قال سبحانه: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢)} [الزمر: ٤٢].

فالروح جسم قائم بنفسه، مخالف جوهره جوهر البدن، وهي مخلوقة مدبرة، وأرواح الأحياء والأموات تتلاقى في البرزخ، فتجتمع وتتحدث، فيرسل الله أرواح الأحياء لتستكمل أرزاقها وآجالها، ويمسك أرواح الأموات.

وموت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتضمحل وتصير عدماً محضاً فهي لا تموت بهذا الاعتبار.

فالأرواح باقية بعد خلقها ومفارقة أجسادها في نعيم أو عذاب، حتى يردها الله إلى أجسادها عند البعث.

وموت الأنبياء أنهم غيبوا عنا حيث لا ندركهم، فهم أحياء في قبورهم، كالملائكة أحياء موجودون ولا نراهم.

وإذا تقرر أنهم أحياء، وكذلك الشهداء، فحياتهم تختلف عن حياتهم في الدنيا، وواهب الحياة وحده، أعلم بكيفية تلك الحياة.

فإذا نفخ في الصور نفخة الصعق صعق الأنبياء، فالأظهر أنه غشية.

فإذا نفخ في الصور نفخة البعث، فمن مات حيي، ومن غشي عليه أفاق، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ فَأكُونُ أوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ، فَلا أدْرِي: أكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأفَاقَ قَبْلِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>