للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعفاف وتقديم أوامر الله.

وجميع الآفات التي تحصل للبشرية متولدة من هذه الأربعة، وإذا استحكمت في القلب أرته الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، والمعروف في صورة المنكر، والمنكر في صورة المعروف.

وإذا تأمل الإنسان كفر الأمم السابقة رآه ناشئاً منها، وعليها يقع العذاب، وتكون خفته وشدته بحسب خفتها وشدتها.

فمن فتحها على نفسه فقد فتح عليه أبواب الشرور.

ومن أغلقها عن نفسه فقد أغلق عنه أبواب الشرور.

ومنشأ هذه الأربعة من أمرين:

أحدهما: جهل العبد بربه .. والثاني: جهل العبد بنفسه.

فالإنسان لو عرف ربه بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، وعرف عظمته وجلاله، وآلاءه وإنعامه، وعرف نفسه بالنقائص والآفات، لم يتكبر ولم يغضب لها، ولم يحسد أحداً على ما آتاه الله من فضله.

فالحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإن الحاسد يكره نعمة الله على عبده، وقد أحبها الله له، ويحب زوالها عنه، والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه ومحبته وكرامته.

ومن أجل هذا كان إبليس عدو الله حقيقة، لأن ذنبه كان عن كبر وحسد.

وقلع هاتين الآفتين بمعرفة الله وتوحيده، والرضى به، والإنابة إليه.

وقلع الغضب بمعرفة النفس، وأنها لا تستحق أن يغضب لها، فإن ذلك إيثار لها بالرضى والغضب على خالقها.

وأحسن ما تدفع به هذه الآفة أن يعودها أن تغضب لله سبحانه وترضى له، وذلك يدفع الرضى والغضب لها.

أما الشهوة فدواؤها صحة العلم والمعرفة، بأن إعطاءها شهواتها أعظم أسباب هلاكها وحرمانها، فالشهوة كالنار إذا أضرمها صاحبها بدأت بإحراقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>