ومع آية خلق السموات والأرض العجيبة اختلاف الألسنة والألوان بين البشر مع اتحاد الأصل والنشأة وصفة الخلق.
فكم لسان في العالم .. وكم لغة في العالم .. وكم لهجة في العالم .. وكم ألوان البشر في العالم .. وكم صورة وشكل لكل بشر في العالم.
فقلما يشتبه رجلان أو امرأتان في العالم.
فسبحان الخالق البارئ المصور الذي فاوت بينهم في الأشكال والألوان والأحجام واللغات والأصوات والأسماع والأبصار والعقول.
وهو سبحانه الذي خلق الليل والنهار، وسخرهما للإنسان، فجعل حاجة العباد إلى النشاط والعمل يلبيها الضوء والنهار، وحاجتهم إلى النوم والراحة يلبيها الليل والظلام، مثلهم مثل جميع الأحياء التي تعيش على ظهر هذه الأرض بنسب متفاوتة، وكلها تجد في نظام الكون العام ما يلبي طبيعتها ويسمح لها بالحياة: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣)} [الروم: ٢٣].
وهو سبحانه الحي القيوم، قيوم السموات والأرض، وقيام السموات والأرض منتظمة سليمة مقدرة الحركات لا يكون إلا بأمره سبحانه، وكل من في السموات والأرض خاضعون لله، يتصرف فيهم خالقهم وفق ما يريد تصرفه بباقي العبيد: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥)} [الروم: ٢٥].
وهو سبحانه الذي له المثل الأعلى في السموات والأرض، فهو وحده الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلا، وله الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، لا يشاركه في ذلك أحد، وليس كمثله شيء: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ