فالإسلام يمثل أعمال الجوارح .. والإيمان يمثل أعمال القلوب .. والإحسان إتقان تلك الأعمال، وحسن أدائها، مع كمال التوجه بها إلى الله.
والإحسان في العبادة له مرتبتان:
الأولى: أن يعبد الإنسان ربه كأنه يراه عبادة طلب وشوق، ورغبة ومحبة، وهذه أعلى المرتبتين.
الثانية: إذا لم تعبد الله كأنك تراه فاعبده كأنه هو الذي يراك عبادة خائف منه، هارب من عذابه وعقابه، معظم له ولأمره.
والناس متفاوتون في هذه الرتب.
فالحب لله يولد الشوق والطلب، والتعظيم يولد الخوف والهرب .. وفي هذا كمال العبودية لله .. وكمال الحب له .. وكمال التعظيم له .. وهذا هو الإحسان في عبادة الله سبحانه كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢)} [لقمان: ٢٢].
وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عَلَيْهِ أثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إلى النَّبِيِّ، فَأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ:«الإِسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا» قال: صَدَقْتَ. قال فَعَجِبْنَا لَهُ. يَسْألُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قال: فَأخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ. قال:«أنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الاخِرِ. وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قال: صَدَقْتَ. قال فَأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسَانِ. قال:«أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» أخرجه مسلم (١).