والإحسان درجات، والمحسنون درجات، أفضلهم الأنبياء ثم أتباع الأنبياء.
وكان الأغنياء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يذهبون إلى الفقراء لإعطائهم الصدقات والزكاة، ولما فقدت الدعوة إلى الله قعد الأغنياء فجاء الفقراء إلى أبواب الأغنياء فحدث في المسلمين أربع آفات:
الكبر في الأغنياء .. والذلة في الفقراء .. وشكوى الخالق إلى المخلوق .. وانشغال الخلق بطلب ما تكفل الله به عن أداء ما أمر الله به.
وجاءت الذلة على المسلمين في أكثر بلاد الإسلام، ووقف أكثر الناس بأبواب المخلوقين ينشدون العزة والغنى عند الذليل الفقير، وتركوا باب الغني الحميد.
والناس يتفاوتون في الأنس بالله، والأنس بغير الله.
فالمؤمن أنسه بالله وطاعته وامتثال أمره ولذة مناجاته.
فمن وجد أنسه بالله في الوحدة، وفقده بين الناس فهو صادق ضعيف.
ومن وجده بين الناس، وفقده في الخلوة فهو معلول.
ومن فقده في الخلوة وبين الناس فهو ميت مطرود.
ومن وجده في الخلوة وبين الناس فهو المحب الصادق القوي في حاله.
ومن كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده إلا منها، ومن كان فتحه بين الناس بنصحهم وإرشادهم كان مزيده معهم.
والراغبون ثلاثة أقسام:
راغب في الله .. وراغب فيما عند الله .. وراغب عن الله.
فالمحب راغب في الله .. والعامل راغب فيما عند الله .. والراضي بالدنيا من الآخرة راغب عنه.
ولا صلاح للقلب ولا نعيم له إلا بأن تكون رغبته إلى الله عزَّ وجلَّ وحده في جميع أحواله.
ومن كانت رغبته في الله كفاه الله كل مهم، وتولاه في جميع أموره، ودفع عنه كل شر، وصانه من جميع الآفات، ومن آثر الله على غيره آثره الله على غيره،