وكذلك المسلم يبكي أمام الله خاشعاً ذليلاً، مستغفراً متضرعاً حتى يستجاب له كما قال سبحانه عن عباده المؤمنين: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)} [الإسراء: ١٠٩].
ويقين البشر على قسمين:
أحدها: يقين على الله، وهذا يقين المؤمنين، وهذا اليقين يولد الطاعة والمحبة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، والإقبال على الله، والتوجه إليه في جميع الأحوال.
الثاني: يقين على الأسباب والأشياء، وهذا يقين الكفار، وهذا اليقين يولد عند الإنسان الاعتماد على الأسباب، والدعوة إلى الأسباب، والتوجه إليها في جميع الأحوال.
وبسبب هذا اليقين يغفل الإنسان عن مراد الله منه، وعن مراده من الله، ويشغل بدنياه عن آخرته، فيشقى في دنياه، ويخسر آخرته.
واليقين على شيء بجعل الإنسان يتوجه إليه، ويعتمد عليه، سواء كان مالاً، أو جاهاً، أو علماً، أو قوة، أو طعاماً، أو صنماً، أو دواءً.
ولما كان الاعتماد على هذه الأشياء من دون الله في قضاء الحاجات شركاً بالله.
لذا يجب نفي تأثير جميع المخلوقات والأشياء، وإثبات اليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته ودينه، فهو الفعّال لما يشاء، وغيره لا يفعل شيئاً إلا بإذنه، فهو سبحانه الذي {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢)} [الرعد: ٢].
ولهذا لا ينتفع بالقرآن حقاً إلا من نفى تأثير هذه الأشياء النفي الكامل، وجاء عنده اليقين على الله وحده، وتكل عليه وحده، وفوض الأمور كلها إلى الله وحده، كما قال سبحانه: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠)} [الجاثية: ٢٠].
فمن آمن بالله وحده .. وسلم نفسه لله وحده .. وتوكل على الله وحده .. وصبر على ذلك .. نصره الله .. وسخر له الكائنات .. واستخلفه في الأرض .. وأسعده في الدنيا والآخرة .. وجعله داعياً إلى الله وإلى دينه .. كما قال سبحانه: