للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)} [السجدة: ٢٤].

فبطاعة الله ورسوله، وامتثال الأوامر الشرعية، تقضى الحاجات، وتحل مشاكل الدنيا والآخرة، لا بالأموال والأسباب.

وأهل الجاهلية كان عندهم مرضان خطيران:

الأول: اليقين على الأسباب والأصنام، فاجتهد عليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى خرج من قلوبهم يقين الأسباب، ويقين الأصنام، إلى اليقين على الله وحده لا شريك له.

الثاني: كان عندهم مرض آخر، وهو أن قاضي الحاجات هو الأسباب.

فالله عزَّ وجلَّ أعطاهم الأوامر لقضاء حاجاتهم، فأخرج لهم الحوت العظيم من البحر .. وأنزل لهم بصلاة الاستسقاء الماء من السماء .. وأخرج لهم الماء في الحديبية من بين أصابع الرسول - صلى الله عليه وسلم - .. ورأوا البركة في الطعام والماء واللبن بسبب امتثال أوامر الله عزَّ وجلَّ، وقضى الله حاجاتهم ونصرهم مع قلة الأسباب أو عدمها.

وبسبب الدعوة إلى الله يزيد الإيمان، ويخرج اليقين من على الأسباب إلى اليقين على الأعمال والأوامر كما قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦)} [الأعراف: ٩٦].

ويسهل خروج اليقين على الأصنام، لكن يقين الأسباب لا يخرج إلا بالمجاهدة المستمرة، والتضحية بكل شيء من أجل إعلاء كلمة الله.

والله عزَّ وجلَّ جعل القلوب مكان الإيمان واليقين والتوحيد، وأعطى الأجسام لامتثال أوامر الله في جميع الأحوال.

وحتى يمشي الإنسان على أوامر الله أنزل الله القرآن الذي فيه أوامر الدين، وأوامر جهد الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>