وقد يطلع الله من شاء من رسله، على بعض الأمور الغيبية، لكن هناك من أمور الغيب ما طوى علمه عن جميع المخلوقات، فلا يعلمها نبي مرسل ولا ملَك مقرب فضلاً عن غيرهما، وهي الخمسة المذكورة في قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)} [لقمان: ٣٤].
ومن حكمته التامة إخفاء علم هذه الخمسة عن العباد، لأن في ذلك من المصالح الدينية والدنيوية ما لا يخفى على مَن تدبر وتأمل.
وإذا كان الله عزَّ وجلَّ هو المتفرد بعلم الغيب والشهادة، وبالظاهر والباطن، وبالسر والعلن، فهو الذي لا ينبغي العبادة إلا له، ولا يجوز لأحد أن يشرك معه غيره: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١)} [الأعراف: ١٩١].
فيا ويل هذا الإنسان .. وما أجهله بربه .. وما أجهله بشرعه .. وما أجهله بنفسه .. وما أجسره على مجاوزة الحدود .. وما أجرأه على غشيان المحرمات.
والساعة غيب من الغيب الذي استأثر الله بعلمه، فلم يطلع عليه أحداً من خلقه، ولكن المشركين يسألون الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن موعدها، والرسول بشر لا يعلم الغيب، وهو مأمور أن يكل الغيب إلى من خلقه، وهو بشر لا يعلم إلا ما علمه