للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أودعه الله القدرة على معرفة هذا القدر من السنن الكونية، وتسخير قوى الكون وفق هذه السنن للنهوض بالخلافة، وتعمير الأرض، والانتفاع بأرزاقها وأقواتها.

وإلى جانب هذه السنن الثابتة مشيئة الله المطلقة التي لا تقيدها هذه السنن وإن كانت من عملها.

وهناك قدر الله الذي لا يخرج عنه أحد، الذي ينفذ هذه السنن في كل مرة تنفذ فيها، فهي ليست آلية، وإنما هي مأمورة مدبرة.

والقدر هو المسيطر على كل حركة فيها، وإن جرت وفق السنة التي أودعها الله إياها.

وهذا القدر الذي ينفذ هذه السنن في كل مرة تنفذ فيها غيب لا يعلمه أحد علم يقين، وإنما أقصى ما يصل إليه الناس هو الظنون.

وملايين العمليات تتم في كيان الإنسان في اللحظة الواحدة، وكلها غيب بالنسبة له، وهي تجري في كيانه.

ومثلها مليارات الملايين من العمليات التي تتم في هذا الكون الهائل من حوله وهو لا يعلمها، وفي كل لحظة تتم هذه العمليات بإذن الله، وبأمر الله، وبعلم الله، في زمن معلوم، ومكان معلوم، وقدر معلوم، وذلك كله مما اختص الله بعلمه وحده.

فمن هذه قدرته .. وهذا علمه .. وهذا خلقه.

أيليق بالخلق أن يشركوا به؟ .. أتقبل عقولهم أن يعبدوا معه غيره؟.

{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢)} [المؤمنون: ٩١، ٩٢].

ومفاتح الغيب لا يعلمها إلا الله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>