للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ألقى الله سبحانه على الأنبياء والرسل تبعة ثقيلة عظيمة، وألقاها من بعدهم على المؤمنين برسالاتهم تجاه البشرية كلها.

وهي تبعة عظيمة ثقيلة بمقدار ما هي جسيمة وكبيرة.

إن مصائر البشرية كلها في الدنيا والآخرة منوطة بالرسل .. وبأتباعهم من بعدهم .. فعلى أساس تبليغهم ما أمرهم الله به للبشر تقوم سعادة هؤلاء البشر أو شقوتهم .. ويترتب عليه ثوابهم أو عقابهم في الدنيا والآخرة.

ولهذا أكد الله على رسله إبلاغ جميع ما أرسلوا به للناس، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٦٧)} [المائدة: ٦٧].

إن أمر الرسالة وإبلاغ أوامر الله لعباده أمر هائل عظيم كبير، ومن ثم كان الرسل يحسون بجسامة ما كلفوا به، وكان الله يبصرهم بحقيقة العبء الذي ينوطه بهم، ويعلمهم كيف يتهيأون له، ويستعدون للقيام به، كما قال الله لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)} [المزمل: ١ - ٥].

فالأنبياء ليس لهم عمل إلا عبادة الله وحده لا شريك له، وامتثال أوامره، ودعوة الناس إلى دينه، وتعليمهم أحكامه: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣)} [المدثر: ١ - ٣].

والنبي - صلى الله عليه وسلم - خير من عبد ربه .. فكان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه .. وهو خير من دعا إلى ربه .. فقد بلغ البلاغ المبين .. ودعا إلى ربه حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً.

وهو خير من علم أحكام الشرع .. فقد ترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيع عنها إلا هالك.

حقاً، إنه أمر هائل عظيم، أمر رقاب الناس، أمر حياتهم ومماتهم، أمر سعادتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>