للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩)} [الفرقان: ٢٧ - ٢٩].

إن الإنسان الذي خلقه ربه في أحسن تقويم، والذي ميزه بهذه الإنسانية التي من شأنها أن يكون أعرف بربه، وأطوع لأمره من الأرض والسماء، وقد نفخ فيه من روحه، وأودعه القدرة على الاتصال به، وتلقي قبساً من نوره.

هذا الإنسان يقطع رحلة حياته على الأرض كادحاً إلى ربه بفكره وجهده وعمله، ليصل في النهاية إلى ربه.

فإليه سبحانه المرجع والمآب بعد الكد والكدح والجهاد: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦)} [الانشقاق: ٦].

إن الإنسان لا يجد الراحة في الأرض أبداً، إنما الراحة هناك في الجنة لمن يقدم لها بالإيمان والطاعة والعبادة.

التعب في الأرض واحد، والكدح واحد، وإن اختلف لونه وطعمه، أما العاقبة فمختلفة عندما تصل إلى ربك.

فواحد إلى عناء دونه عناء الأرض، وواحد إلى نعيم يمسح ما قبله من كد وكدح.

فالمؤمن السعيد يحاسب حساباً يسيراً، فلا يناقش ولا يدقق معه الحساب: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩)} [الانشقاق: ٧ - ٩].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ أحَدٌ يُّحَاسَبُ إِلا هَلَكَ». قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، ألَيْسَ يَقُولُ الله عزَّ وجلَّ: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قَالَ: «ذَاكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ» متفق عليه (١).

هذا حال المؤمن.


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٤٩٣٩) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٨٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>