للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما حال المعذب الكافر الهالك المأخوذ بعمله السيئ، الذي يؤتى كتابه وهو كاره فهذا هو التعيس الذي قضى حياته في الأرض كدحاً، وقطع طريقه إلى ربه كدحاً في المعاصي والآثام والضلال، فهو يدعو ثبوراً، ويتمنى الهلاك لينقذ نفسه مما هو مقدم عليه من الشقاء والعذاب، ولكن أنى يستجاب له؟.

{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (١١) وَيَصْلَى سَعِيرًا (١٢)} [الانشقاق: ١٠ - ١٢].

وهذا الصنف من الناس كان في الدنيا مسروراً بين أهله، غافلاً عن ربه، لاهياً عما ينتظره في الآخرة من العذاب، وهو يظن أنه لن يرجع إلى بارئه، وربه يعلم بكل خطواته وحركاته، ويعلم أنه صائر إليه.

فما أعظم خسرانه: {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (١٥)} [الانشقاق: ١٣ - ١٥].

إن الإيمان بالغيب هو الذي يحكم السلوك الإنساني، فالذي يؤمن بالغيب وباليوم الآخر، وبالحساب والجنة والنار، يخشى الله سبحانه وتعالى في كل عمل يعمله:

فإذا أراد أحد أن يسرق تذكر الله، وتذكر أنه ملاقيه، وأنه سيحاسبه على ذلك، فيتراجع عن هذه السرقة.

وإذا أردت أن ترتكب ما حرم الله، وتذكرت الآخرة والحساب، خشيت الله وتراجعت.

فأساس السلوك البشري في الدنيا هو الإيمان بالغيب، والإيمان بالغيب يدخل فيه أساساً الإيمان باليوم الآخر.

والإيمان بالغيب والآخرة هو أساس الإيمان كله.

فإذا لم يعتقد الإنسان بالآخرة فممن يخاف ويخشى؟.

من ذا الذي يرفع يدك عن ضعيف تغتصب حقه إلا إيمانك بالآخرة.

ما الذي يوقفك عن أن تأكل أموال الناس بالباطل؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>