وما الذي يمنع الناس من الظلم والبغي؟.
إن الوازع الذي يقول لك قف مكانك، هو الإيمان بالآخرة، لأنك ستحس أن كل عمل عملته مكتوب عليه، وسيسألك الجبار عنه، فلولا الإيمان بالآخرة لتحولت الدنيا إلى مجموعة من الوحوش.
يقتل القوي الضعيف .. : ويعتدي القادر على العاجز .. ويضيع الحق .. وتباح الحرمات .. وتتنهب الأموال .. وتنتهك الأعراض.
وأخشى ما يخشاه المؤمن هو حساب الله له في الآخرة.
وأخشى ما يخشاه الكافر هو الحساب في الآخرة.
فالكافر وإن كان لا يؤمن بالآخرة ولكن في داخله شيء يؤرقه، والموت الذي يراه كل يوم في أهله وقومه يملأ حياته بالرعب والفزع، وينغص عليه عيشه.
والله عزَّ وجلَّ على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا في الدنيا ولا في الآخرة.
وهو قادر على أن يخلق يوماً مقداره أربعة وعشرون ساعة.
وقادر على أن يخلق يوماً مقداره ساعة.
وقادر على أن يخلق يوماً مقداره مائة ألف سنة.
وقادر على أن يخلق يوماً يستمر بلا نهاية كيوم القيامة الذي لا ليلة بعده أبداً.
فالمخلوق ليس قيداً على قدرة الخالق، فالزمان والمكان كل خاضع لإرادة الله وحده، والأجسام والأحجام والأشكال والألوان خلقها بيد الله وحده.
وموعد قيام الساعة لا يعلمه إلا الله وحده، فهو الذي ينتهي إليه أمرها، ويعلم موعدها وحده، فلا يعلمه نبي مرسل، ولا ملك مقرب، ولا ذكي فطن: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤)} [النازعات: ٤٢ - ٤٤].
أما الرسول فوظيفته إنذار من يخشاها، فهو الذي ينفعه الإنذار، وهو الذي يشعر قلبه بمجيئها، فيخشاها ويعمل لها قبل مجيئها.